بأنوار عُرسِ الليل طرفي تفكَّرا
وعقلي على الدَّيجور يُنكرُ ما يرى
أفي الأرض ما يُبكي وتحتفِلُ السَّما
فأغلظتُ للدَّأماء حِينَ تندَّرا
يقول غباكَ اليوم فوق إحاطتي
ويُفتَقَدُ الملَّاحُ لو فيهِ أبحرا
وأسمعتُهُ هَجواً فزاد تهَكُّماً
يقولُ أرى للمرء عقلاً مُنَوَّرا
فهل تَسطَعُ الأنوارُ إلَّا مِن الدُّجى
فسبحان مَن بالليل أخفَى وأظهرا
إذا انهالت الأرزاءُ فهْي جوائزٌ
لِمَن صاحَبَ الصَّبر الجميل وأبصرا
سأقبلُ مِن رَبِّي هدايا مَحَبَّةٍ
وأُثني على مُرٍّ فأُرزق سُكَّرا
وفي الأرض ما يُبكي وتحتفِلُ السَّما
لأنَّ انتصار الحَقِّ حُكماً مُقَدَّرا
لأنَّ بأرضِ اللَّـٰهِ شَعباً مُقاوِماً
أمينَاً على الميثاق ما باع واشترى
لأنَّكَ في الأغلالِ ما زلت ثائراً
تَهابُ نِعاجُ العُربِ كَونَكَ حَيدرا
لأنَّ يقيناً عَمَّ غَزَّةَ صادِقاً
لأنَّ بها غَرسُ الصَّحابةِ أثمَرا
لأنَّ صَبيَّاً قامَ يَضحَكُ ثَغرُهُ
فلَم يضحك الشَّيطان لمَّا تعَثَّرا
لأنَّ بغيَّاً ضاءَ منها حِجابُها
وأُخرَى تَداعَى فوق جُثَّتها الثَّرى
لأنَّ ظلوماً جافَت النَّومَ أُختُهُ
أقَرَّ بحَقِّ اللَّـٰهِ مِن بَعد ما افترَى
أفاقَ مِن الطُّغيان مِن مَكر نفسِهِ
وكَبَّرَ في الأغلالِ ثُمَّ تَحَرَّرا
لأنَّ كَسولاً حَرَّكَتهُ رغائبٌ
فأشرَقَ فيهِ العَزمُ لمَّا تشَمَّرا
يَصُبُّ غزيرَ الدَّمع للَّـٰهِ ساجداً
إذا خافَ ذَنبَ الأمسِ يَسكُبُ أوفَرا
لأنَّ شباباً يُبصرون طريقهُم
يقولون للحيَّات لَن نَتَخَدَّرا
فلا خَمرَ لا تَدخينَ لا قُربَ شَهوَةٍ
ولا شاشَةٍ تُبقي الغَبِيَّ مُكَوَّرا
على كُلِّ حالٍ أعبُدُ اللَّـٰهَ خالِقي
شَريداً طريداً أو عزيزاً مُؤزَّرا
مريضاً مُعافَاً مُطمئنَّاً مُهَدَّداً
طليقاً أسيراً مُهمَلاً أو مُقَدَّرا
أنا الآنَ يا دَأماءُ أُبصِرُ خُطَّتي
وما كُنتُ لا أدراهُ صارَ مُفَسَّرا
هُنا ليلَةٌ بالخيرِ شَدَّت رِحالها
وفاحَ صباحُ البِشرِ مِسكاً وعَنبَرا
……………
حسن فرحان