كفى حزنا أني نأيت على مهل
وخيرت دار البين عن زمرة الأهل
وبت وحيدا لا نجوم أعدها
ولا طير في الأفياء يشدو وفي السهل
لقد ازرت الأيام بي و تسارعت
عقارب وقت حار في أمره عقلي
فيا لهفة الأضلاع كيف تجشمت
مواجع ما حامت على عاشق قبلي
إلى الله أشكو ما أقاسي من النوى
وما يعتري الأضلاع في غفوة الليل
على النار أمسي لا نديم ولا طلى
ولا لحن للأطيار في روضة الفل
وحيدا سأبقى والطيوف تحيط بي
كما طائر يهفو إلى الدوح والظل !
ألا يا زمان الوصل عد بي لليلة
سهرت بها والنجم سهران من أجلي
وكانوا طيورا في الخميل تحلقت
تغرد في فيء تبلل بالطل
أعادوا على سمعي نشيدا ألفته
ليالي كان القلب يهزأ بالعذل!
و احسبهم حولي يحومون كالقطا
يحوم على ماء يسيل على الرمل
فأهفو لهم والشوق بين جوانحي
كنافورة تهمي على سوسن الحقل
بعيد انا عنهم ولكن ازورهم
إذا هزني التذكار في ليلة الهطل
سلام على الأحباب ما حن طائر
لصفصافة في الحي وارفة الظل
سلام على الدار العتيقة كم بها
نهلنا من الآمال ما طاب من نهل
سلام علينا كم تعذبنا النوى
وتدمي بأنياب أشد من النصل
سلام على من الهبتنا بعشقها
فصار لنا في البوح فاتحة القول
قفي يا ثواني العمر إن حنيننا
مراجل نار في جوانحنا تغلي
ربيع مضى والصيف أدبر مثله
ولم نجن شيئا قبل خاتمة الفصل !