مادَت الأرضُ بقاطنيها و ترجَّلَت بنا من غمرة سباتِنا و كنا مُعتلين كومةَ رؤىً و أحلام فأفقنا على انتفاض بنياننا، و ما عَمَرنا فيما خَلَا يضطرب بهَلعنا و تأجّجِ نيران الخوفِ في صدورنا..
لا أذكر سوى أننا خطَونا أُبَّقاً( معنى كلمة أُبَّقَاً: هارِبين )فوق الهياجِ لا نأبهُ لموضعِ استقرارِ خطوِنا ، و أبصارنا ترقَبُ تهالكَ أثاث المنزل مُرفقاً بأصواتِ تهشّم و سحقِ الزجاج..
تكبيرٌ و صياحٌ مُرعَبٌ حملَنا على أكفّةِ الرهبةِ و الذعرِ ولا يزال الاختلاجُ في غمرةِ استرسالِه تحت أقدامِنا مورِثاً الأوصالَ المرتاعةَ رجفةً ساريةً تأبى التهدئةَ أو السكون..
جثَمنا أخيراً تحت سِتر السماءِ المدثَّرةِ بظلمةٍ تخلّلتها خيوطُ الفجرِ الأولى ، و فيما كانت أنفاسُنا تُجاري الزمنَ مُضافةً إلى نقرٍ عنيفٍ لأفئدتنا المخوَّفة إذا بالسُحب تسبلُ أمطارَها فوق ارتعادِ الأبدانِ المرتجفة..و أصوات إهالةٍ لركامِ المباني المنقوضةِ يُضفي إلى شتاتِ فكرِنا تصوراً للدمارِ الحالّ على مدينةٍ شهدَت جدرانها الأسى و الألم على مدار الأعوام الخالية ولا تزال الأهوالُ و الشدائدُ تعتصرُ كيانَها و تزيد إحكامَ قبضتها يوماً بعدَ يوم..
في ذاك الحين لهجَت الألسنُ خاشعةً في بقعةٍ و آنٍ مُوَحَّدَان تستسمحُ الإله و تستغفرُه لإخلالٍ و تقاعسٍ بدر من غفلتنا و انغماسنا في أوحالِ الفتنِ و الأهواء ؛ فأمسى تاريخُ تلك الساعةِ مبدأَ التزامنا بالأمرِ و النُهيَة الربَّانيّيَن فأعدنا تجديدَ التوبةِ و رميَ أنظارنا إلى العصيانِ و الإذنابِ الذي خُضنا في أزقّته و تاهَت بصائرُنا بين ردهاته ..
و بعدَ امتدادٍ وقتيٍّ أرخَت الأرضُ اشتداد رَجفِها و باتَت تحاولُ الإيابَ إلى استقرارها ، فإذا بمَن عليها يُحدِثون حفراً فيها ، مهيلينَ التراب فوق جثثٍ مُكفّنةٍ بالأدمعِ و الانكسار و صوتٌ مُؤلَمٌ يتردّدُ بقوله "رحمَ اللهُ شهداءَ الفجرِ الفاجع"
حلا حطبي
6/2/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق