...
نَـظــرتُ نـحــوَ هِـــلال الأشهُـر الحـُرُمِ
لـمَّـا بَــدَا نُــورُهُ فِـى اللَّــيـلِ لِلأُمَـمِ
ولاحَ فـى خَــاطــرى طــيـفٌ لـكـاظمةٍ
و مَــروةٍ والــصَّـفَـا والــبَـيـتِ والحَـرَمِ
وجَـالَ فى فـكرتـى وصـفٌ لذِى سَلَـمٍ
وحَـاجــرٍ والــنَّـقــا والــبَــانِ والـعَـلـمِ
وثَـــار فِـى مَـهـجَـتِى شَـــوق لِمُلْتَزَمٍ
يَـطِـــيبُ فِـيهِ دُعَـاءٌ مِـن ذَوِى الهِمَمِ
و زَادَ فِـى بَــاطِـنِى مَـــيـلٌ إِلَى سَفَرٍ
لأرض طَـيـبَةَ ذَاتِ الخَـيرِ و النِّعَمِ
فَـمَـا قَـدَرتُ عَلَى الـتِّرحَالِ مِـن بَلَدِى
لِرَوضَةِ المُصـطَـفِى ذِى الجُودِ والكَرَمِ
لَـكِـنَّـنِى كُـــنـــتُ إِذ أَهــوَى زِيَارَتهَا
و أَهـوَى زَيَارَةَ خَـيـرِ الخَلـقِ كُـلِّهِمِ
أَتـلُـو مَـدِيحِى لَـهُ فِـى لِـيلِ قَاهِـرِةٍ
يَـطِـيـبُ فـيـهـا جـوارُ الـنـيلِ والـهَرَمِ
ومَــا مَـدِيـحِى لِـخَـيرِ الـخَلـقِ مُنكَتِمُ
فَـاسمَــع مَـدِيحِى لَــهُ يَـاسَاكنَ الأكمِ
تَـزَايَـدَ الـنُّــورُ فِى الأَكــوَانِ قَاطِـبَةً
فِى يَومِ مِـيلَادِ خَيرِ العُـربِ والـعَـجََـمِ
وطَــارَ جَـبـرِيـلُ فِـى الآفَـاقِ مُبتَـهِجَاً
و غــرَّدَ الـطـيرُ فى الأَجواءِ بالنـَّغَمِ
وصَـــارَتِ الـجِـنُّ بِــالأَخــبَـارِ نَاطَـقَـةً
و صَاحَ أَبلِـيسُ مِن حُـزنٍ ومِن أَلَـمِ
و أَصـــبَـــحَـت أَوَراقُ الــوَردِ نَاضَـرَةً
تَـلَوحُ فِى الـسَّـهـلِ بِينَ الزَّهـرِ والخَزَمِ
و أَقــبَـلَت ريــحُ خــيرٍ تَحــمـِلُ الأرج
و تنشـرُ الـطـيبَ فى أرجَـاءِ مُلـتَزَمِ
وأَتِــى رَبـِيــعٌ بـــِذِكــرَى يـَـومِ مَـولِـدهِ
وطَــابَ مُـــبـتَـهِـجٌ بِـالـمَـولِـدِ الـفَخِمِ
وفَـازُ مُـحــتــفـلٌ لـم يُــخـفِ فرحَـتَهُ
بـيـنَ الأنـامِ بـذكـرَى مَــولِدِ الـعَـلَمِ
يـَالائـِمِـى لاتَـلُـمــنِى فى مـَحــبَّـتـهِ
حُـبِّى لَــهُ فِـى فُؤَادِى غَيرُ مُنفَصِمِ
لـو كُــنـتَ تـعرفُ قَبلى لَوعةِ المهَج ِ
عَلَى هَـواىَ لخـيرِ الـنَّاس لـم تَــلُمِ
قَلـبِـى يـَتُـوقُ إلى وصلٍ يجـودُ بـهِ
خـيرُ الخلائق هَـادِى خِيرة الأُمَـمِ
ويَسِـيلْ دَمعِى عَلَى الخَدٌينِ مِن لَهَفٍ
لروضةِ الْـمُصـطَـفِى ذى العِزِّ والهِمَمِ
وأَرتَـجِـى مِـنـهُ بِـرَّاً حِــينَ أَمدَحُهُ
فَـإِنَّـهُ بَـحـرُ جُــودٍ فَـائِـضُ الـكَـرَمِ
مُـحَـــمَّـــدٌ عَــلَــمٌ جَــلَّـت رِسَـالَــتُـهُ
وأَشرَقَـت شَـمـسُـهَـا لِلـنَّـاسِ كُـلِّـهِـمِ
مُـحَــمَّــدٌ سَــيِّـدٌ تَــمَّـت مَـكَــارِمُـهُ
وسَـمَـت مــراتبهُ فِى الجُـودِ والكَـرمِ
مُـحَــمَّــدٌ طَــاهِــرٌ دَلَّـت مَـنَاقِـبهُ
عَلَى مَكـانَتِـهِ فِى الـنَّـفـعِ لِلـنَّـسَمِ
مُــحَــمَّـــدٌ عَـابِــدٌ طَـابَــت عِـبَـادَتُــهُ
وكَـانَ يَـجـهَــرُ بِالـقُـرءَانِ فِى الـعَـتَمِ
مُحَــمَّــدٌ شَـافِــعٌ تُـرجَـى شَـفَـاعَـتُـهُ
يَـومَ الـقِــيَامَـةِ لِـلأَقـوَامِ وَ الأُمَـمِ
مُـحَـــمَّــدٌ نَـاصِــحٌ فَـاقَــت هِــدايَتـهُ
هِـداية الـبـدر بالأنـوارِ فِى الـظُـلَمِ
مُـحَـــمَّــدٌ عَـــالِــمٌ أهــدَت مَـعـارِفُـهُ
إِلَى الـعُــقُــولِ إِفَـادَاتٍ مِنَ الحِكَـمِ
وَ لَـيتَنِى كُـنتُ مِـن أَرقى صَحابتهِ
فى عَـامِ هِجـرتهِ من مَوطِنِ الحَرَمِ
و نَاصَـرتُ مِلَّـتَهُ فِــى ظِـلِّ رَايَتِهِ
وَحاربتُ أَعــدَائَهُ الداعـينَ للجُرَمِ
و مَـدَحـتُهُ بِقَـصِـيدٍ فَـوقَ مِـنبَرِهِ
فِى لَـيلَةٍ مِـن لَـيَالِى الأَشهُرِ الحُـرُمِ
و لـعَلَّـنى فى صَــباحٍ عِـندَ مَسجدِهِ
أَقُولُ فِى صَـادِقِ الأَبيـات و الكلمِ
يَاســيِّدى يـَا أَبـا الزَّهـراءِ خُـذ بيـدى
فإنَّ قلبى مِنَ الـعِـصيانِ ذو سَقَمِ
وخُـصَّـنى بـدُعَــاءٍ مِـنـكَ يا سَـنَدى
يـَعـفـو به عَن ذُنوبى واسعُ الكرَمِ
فَـقَـلبى يـُحـبـُّكَ حُـبـاً أنتَ تـعـلمُـهُ
ولَستُ أُخفِيهِ فِى الدُّنيَا عَنِ النَّسمِ
وتَبـلى عِـظـامى ولاتبـقَـى مـَعالـمُهـا
وحُـبـُّكَ فى فُــؤادى غــيرُ مُـنـصَرِمِ
ويَبقَى قَـصِـيدِى وَلَاتَخـفَـى مَـدَائِحُهُ
عَنِ الـمُـحِـبِّينَ أهلِ الذَّوقِ والحِكَـمِ
مَــولاى صــلِّ وسلِّـم دائِــمـاً أبـداً
عَـلىَ الحبيبِ و أهـلِ الـحـُبِّ كُـلّـِهمِ
وانشُـر عَلَى رَوضِةِ الـمُختَارِ قدوتنا
أَرِيجَ مِـسـكٍ أَصِــيلٍ طَـيِّبٍ عَـمِـمِ
واغـفِـر لِنَاظِـمِ بُـردَةِ الـمَدِيحِ بِمَا
أَبـدَاهُ فِى جُـمـلَةِ الأَبيَاتِ من كَلِمِ
واغـفِـر لِـمَـن مَدَحُوا طَـه وَ عِـترَتـهِ
و جُـد لـهُم بـالـهَنا و الخَـيرِ والـنـِّعَمِ
خادم شعـراء المديــح
محمد عمر عثمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق