رَأَيْتُ كَمَا يَرَى الغَافُونَ وَغْداً
عَلَى الشَّاشَاتِ فِي تِيهٍ تَعَدّى
يَقُولُ وَقَدْ أَدَارَ الطَّرفَ نَحْوِي
وَفِي جَنَباتِهِ أَبْصَرْتُ وَفْداً
أَنَا الجُرَذُ الّذِي خُبِّرْتِ عَنْهُ
مَلَأْتُ الكَوْنَ أَوْسَاخاً وَحِقْدا
إِذَا مَا قُلْتُ لِلْأشْعَارِ هَيْتَا
أَقُدُّ مَسَامِعَ الجِرذَانِ قَدّا
أَنَا فِي الحُبِّ دَانَتْ لِي صُرُوحٌ
جَعَلْتُ مَدَاسَتِي جِيْداً وَنَهْداً
سَلُوا عَنِّي المَرَاقِصَ وَالغَوَانِي
وَكَمْ أَضْحَتْ لِنَصْلِ السَّيْفِ غِمْداً
وَكَمْ أَهْرَقْتُ دَمْعاً لِلْعَذَارَى
وَقَدْ وَسَّدْتُهَا صَدْراً وَزِنْداً
وَمَا جَرَّبْتُ نَفْسِي فِي المَعَالِي
وَكَمْ صَعَّرْتُ فِي مَسْعَايَ خَدّاً
وَطُفْتُ عَلَى المَنَازِلِ ذَاتَ لَيْلٍ
بِهِ قَضَّمْتُ شُيَّاباً وَوُلْداً
وَإِنّي إِنْ حَضَرْتُ بِسَاحِ حَرْبٍ
غَدَوْتُ لِأَرْذَلِ الأَقْوَامِ عَبْداً
وَبَيْنَ الصَّحْبِ نَارٌ فِي هَشِيمِ
وَمَا لَاقَيْتُ فِي الجِرْذَانِ نِدَّا
أَسُوقُ الوُدَّ لِلْأَصْحَابِ لكِنْ
إِذَا خَالَفْتُهُمْ أَفْسَدْتُ وُدّاً
أُعَرِّي مَا تَسَتَّرَ لَا أُبَالِي
وَلَا أَرْعَى لِمَنْ عَادَيْتُ عَهْداً
أَنَا العَرَبِيُّ فِي مَالِي وَقُوتِي
كُسِيتُ بَفَضْلِهمِ لَحْماً وَجِلْداً
وَألْتَقِطُ الفُتَاتَ بِكُلِّ دَرْبٍ
إِذَا بَعُدَ العِرَاقُ قَصَدْتُ نَجْداً
وَأُنْشِدُ لِلشَّآمِ كَذَاكَ مِصْراً
لَعَلِّي أَبْتَنِي بِالقَوْلِ مَجْداً
وَأَهْجُو القُدْسَ إٍنْ بَعُدَتْ فَمِثْلِي
مُحَالٌ أَنْ يَطَا لٍلْقُدْسِ مَهْداً
وَإِنْ تَسْأَلْ بِيَوْمٍ عَنْ أُصُولِي
فَلَنْ أَسْطِيعَ مَا حَاوَلْتُ رَدَّا
صَهٍ نَادَيْتُ يَا جُرَذاً تَمَادَى
وَيَحْلُمُ أَنَّهُ قَهْراً تَسَدَّى
وَفِي يُمْنَايَ نَعْلٌ ذُو صَلِيلٍ
بٍهِ أَرْدَيْتُ فِي رُؤْيَايَ وَغْداً
وَعُذْتُ بٍخَالِقِي مِنْ شَرِّ حُلْمٍ
وَخُبْثٍ يمَلَأُ الآفَاقَ كَيْداً
#إنعام