هي المنايا
قالوا سَتنعمُ بعد السهدِ بالوسنِ
لَمْلِم شتاتكَ من دوامةِ الحزَنِ
واكبح جموحك فالأهوالُ عاصفةٌ
أمست هموْمَكَ ملء الشامِ واليمنِ
يكفي المُعنَّى، وقد ضَجَّت جوانحهُ
من كلِّ همٍّ سرىٰ بالنفسِ والبدنِ
نسوا شقائي الَّذي ما زلت أنزفهُ
مما اعترى مهجتي وهْنًا على وَهَنِي
أين الأحبَّةُ ما أبقتْ سرائرهم
غير انتحابِ الرؤى في غدرة الزمنِ
مروا وما خَلَّفوا غير الأسىٰ وطنًا
يغتالُ في أضلعي يقتات من شَجَني
يا بئس حال الَّذي عاث الدَّنا تَرَفًا
وما الليالي ومسعاها بمؤتَمَنِ
وكلّ حيٍّ له في القبر نازلةٌ
كأنَّهُ لم يعشْ يومـًا ولم يَكُنِ
هي المنايا وما من كأسها هَرَبٌ
والموج عاتٍ ولا يُبقي على السُفُنِ
تبقى الأماني كأحلامٍ مؤجَّلةٍ
من غربةِ الروحِ حتى غربة الكفنِ
ما أهون العمر ما أوهى منازلهُ
كم من غريرٍ بها أمسى بلا سَكَنِ
وأفقر الناس من أغراهُ طائلهُ
أتى دروب النوى سعيًا بلا مؤن
لا شيء في رحلهِ غير الهوى ندمًا
كَبَا يعض الثرى في أفظع المحن
كلَّ الحقائقِ دون الله واهمةٌ
هو المهيمن ربُّ الناس ذو المننِ
وكل دربٍ لغير الله مرجعهُ
عقباهُ مذمومة في السر والعلنِ
خذ من شعوبٍ مضت للموتِ موعظةً
ولا تكن كالذي يُختال في الوثنِ
......