فراق
وَصلَ الأهالي في مَواكِبَ نازِحِـينْ
وَتَـجَـمَّـعُـوا بَعدَ النَّـوائـبِ آمِـنِـيـنْ
وَاسـتَـنهَـضَ الأَحبابَ أحبـابٌ لَهُم
كـانُوا غِياباً في وُجُوهِ الحـاضِرِينْ
وَتَسـرَّبَـت أَنبـاءُ أسرى استُشهِدُوا
وَالشَّـكُّ صارَ حَقِيقَةً بِـالشَّـاهِـدِينْ
وَتَصَـدَّرَت صُورُ الضَّحـايـا عـالَـماً
لِل(نِتِّ) أبقـاهـا لِتَقتُلَ كُـلَّ حِـينْ
وَالشَّاهِدُونَ بِصَمتِـهِم كـانُـوا كُـثُر
هَيئـاتُهُم تَجلُو غُبـارَ النَّـاطِقِـينْ
تِلكَ الَّتِي تَذوِي صَـقِـيـعاً عَن نَدى
أمٌّ تَـئـنُّ وَاِبـنُـهـا بَـيـنَ الأَنِـيـنْ
كـانَت مَعـانِي الفَقدِ تَلبَسُ وَجهَها
وَالدَّمعُ جَفَّ، وَجَفَّ مـاءُ المُقلَتَينْ
تَـروِي وَأَروِي نـاقِـلاً عَـن أَهـلِـها
عَن اِبنِها المَفقُودِ فِي التَّلِّ الحَزِينْ
حَيثُ الصِّغـارُ مِنَ الشَّبـابِ رَوافِـدٌ
لِلجَيشِ أَو خَلفَ الرِّجالِ مُدافِعِينْ
سَقَطَت مَنـاطِقُ جُرِّدَت مِن أَهلِـها
وَالتَّلُّ أَيضاً بـاتَ عِندَ السَّـاقِـطِـينْ
وَالأَمرُ صـارَ إلى الرَّحِـيـلِ مُـحَـتَّـمٌ
وَالوَقتُ ضاقَ وَصَدرُها وَالخافِقَينْ
كَـيـفَ الرَّحِـيـلُ وَاِبنُـها لَـمَّـا يَـعُـد؟!
الوَقـتُ ضـاقَ وَمَـعـبَـرٌ بِالـرَّاحِـلِـينْ
حَـسُـنَ الرَّحِـيـلُ عَنِ الدِّيـارِ بِقُبحِهِ
فَالسَّبيُ فِي المِـيزانِ جَـبـرٌ بِـالقَـرِينْ
تَـرَكُـوا السِّنِيـنَ وَراءهُم وَحَصـادَها
وَمَشَـوا عَلى طُرُقِ المَعـابِرِ مُكرَهِينْ
ظَـنَّ الصِّغـارُ المَشـيَ خَـلـفَ جِنـازَةٍ
وَالنَّـاسَ فِي كُـلِّ الدُّرُوبِ مُشَيِّعِـينْ
كـانَ الجَمِـيعُ مُـغَـرِّبـاً نَـحـوَ الأَمَـلْ
إِلَّا الَّذِيـنَ تَـلَـوَّثُـوا بِـالـمـارِقِـيـنْ
وَمُـسَـلَّـحِـيـنَ يُـراقِـبُـونَ الًمَـعـبَــرَ
وَمُـسَـلَّـحِـينَ مِنَ البَعِيدِ مُشَـرِّقِـينْ
كـانُوا عَلى ذاتِ الطَّرِيقِ المُوحِـشِ
وَالنَّـاسُ تَنـأى عَنهُمُ أقصى اليَمِـينْ
لَـمَّـا رَأَتـهُـم يَـعـبُـرُونَ تَسَـمَّـرَت
تَـرنُـو إلى الأسـرى حُـفـاةَ مُقَـيَّـدِينْ
وَأَشـاحَ مَـأسُـورٌ بِـوَجـهِـهِ بـاسِـماً
خَـوفَاً عَلَـيـها، يَـحـمَـدُ اللٰهَ المُـعـينْ
صـاحَت "بُنَيَّ" وَمـادَت الدُّنـيـا بِـها
وَالأَهلُ قالوا "انتـابَها صَرعٌ لَعِـينْ"
رَبَـطُـوا عَلى فَـمِـها لِأَلَّا تُـعـرَفَ
عَـبَـرُوا بِـها هَـوناً أمـامَ الظَّـالِـمِـينْ
قَطَعُوا مَجـالَ المَـعـبَـرِ المُـتَطـاوِلِ
عاشُوا المَرارَ دَقائِقاً تَطوِي السِّنِـينْ
فَكُّـوا الرِّبـاطَ وَهَـدَّؤوا مِن رَوعِـها
وَتَـعَـلَّـلُـوا وَهْـنَاً بِـتَحرِيـرٍ يَـحِـينْ
لَهفِي على مَن شَرَّقُوا تَحتَ الدُّجى
أَو هـاجَـرُوا دُونَ القُـلُـوبِ مُغَرِّبِـينْ
فـاضَ الفِـراقُ مِـنَ التِـقـاءٍ أبـتَـرٍ
وَالحُـزنُ غَـطَّـاهُم كَـلَيـلٍ لَن يَبِـينْ
بَـقِـيَ الوَداعُ مُـعُـلَّـقاً فِي المَـعـبَـرِ
حتَّىٰ الوَداعُ اغـتـالَـهُ زَمَنُ ضَـنِـينْ
في مَعـبَـرِ الحَربِ الغَرِيـبِ البـائسِ
عـادَ المَخـاضُ اجتَرَّ كُـلَّ العـابِـرِينْ
هَيهـاتَ تَـرجَـعُ لِلحَيـاةِ حَيـاتُهُم
فَـقُـلُوبُـهُم بـاتَـت مَـقـابِـرَ لِلحَـنِـينْ
وضاح سميا